Posts

لماذا تذهب الامراطوريات الى الحروب ؟

لماذا تذهب الامراطوريات الى الحروب ؟ في يومٍ من الأيام، تجلس تشاهد الأخبار، وإذا بنشرةٍ أمامك تتحدّث عن التحذير من تعاطي المخدرات، وتعرض حالاتٍ لأشخاص دمّروا حياتهم طوعًا مقابل الحصول على جرعةٍ أخرى. وتسأل نفسك: كيف وصلوا إلى هذه المرحلة؟ وكيف بلغوا حدًّا قد يودي بهم إلى الموت إذا انقطع عنهم المخدّر؟ الجواب ببساطة هو أن تعاطي المخدرات يغيّر فسيولوجية الجسم ذاته، ويجعله غير صحي، ويُعِدّ تركيبته كلها لاستقبال جرعة المخدّر، بحيث ينسى الجسد طبيعة عمله الأساسية، ويدمّر نفسه ذاتيًا من خلال رغبته بالمخدرات مرارًا وتكرارًا. قد يبدو هذا المثال بسيطًا، عزيزي القارئ، لكنه إشارة إلى كيف أن الإمبراطوريات التي تعتاش على الحروب تشبه كثيرًا هذه الحالة؛ فممارستها المستمرة للحروب تجعلها كمتعاطي المخدرات الذي يهيّئ جسده وحياته للجرعة التالية لا للتعافي. واليوم سأحاول شرح هذه الظاهرة. لكي نفهم هذه الظاهرة، لا بدّ أن نعود إلى أشهر مثالٍ تاريخي: ألمانيا النازية. فعادةً عندما نعود إلى سيرة ألمانيا النازية، يتمّ طرح سياساتها واحتلالها للدول من منظورٍ أيديولوجيّ بحت، دون الرجوع إلى الأسباب المادية. وهذا مفهوم...

الطريق الى غزة

 الطريق الى غزة اليوم يومُ جمعة، ووالدك، لسببٍ لا تفهمه، استيقظ عند السادسة صباحًا وطلب منك أن تذهب لتجلب له الحمص والفلافل، رغم أن الدنيا ما زالت نائمة. لكن لا مفرّ من الأمر، فلا خيار لك سوى الطاعة كي لا تبدأ نهارك بمشكلة. تنهض على مضض وتخرج لتشتري الفلافل. تقف في الدور أمام العامل الذي يبدو نصف مستيقظ، عين مفتوحة وأخرى نائمة، ومع ذلك ترى بين يديه عجبًا؛ يقلي كل حبة فلافل بحجمٍ واستدارةٍ دقيقة، يقلبها في الزيت بمهارة، ويعرف تمامًا متى نضجت، رغم أنك تكاد تجزم أنه ما زال غارقًا في النعاس. تتساءل في نفسك: كيف يفعل ذلك؟ الجواب بسيط: هذا الرجل يعمل في المطعم منذ خمس عشرة سنة، حتى أصبحت عملية القلي مبرمجة في دماغه. لم يعد يحتاج إلى تركيزٍ أو وعيٍ كامل، فقد ترسخت المهارة في لاوعيه، يؤديها بتلقائية تامة. لكن لو أخرجته من مكان عمله، من منطقة راحته، فسيجد نفسه عاجزًا عن الأداء بنفس الكفاءة. وهكذا هو دماغ الإنسان؛ مع التكرار، تتحول بعض الأفعال إلى سلوكٍ غريزي، تُنجز بلا تفكير. وفي الحديث عن الصهيونية وعلاقتها بالإبادة الجماعية، يبدو الأمر مشابهًا؛ فالعقلية الصهيونية باتت تمارس الإبادة على ...

‏ الاحتلال الحنين رزق : شهادة عن الحرب النفسية الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة

Image
  الاحتلال الحنين رزق : شهادة عن الحرب النفسية الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة ‏ تُعَدّ الحرب النفسية من أكثر الأدوات فاعلية في النزاعات المسلحة، إذ تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للعدو والتأثير على قراراته دون الحاجة إلى مواجهة عسكرية مباشرة. ويتقن الاحتلال الإسرائيلي توظيف هذه الأداة ضد سكان غزة، مستخدمًا أساليب تبدو أحيانًا وكأنها مستوحاة من كتب علم النفس الحربي، وأحيانًا أخرى وكأنها سيناريو لفيلم يجمع بين الإثارة والعبثية. ‏ ما يجري في غزة ليس مجرد قصف جوي أو اجتياح بري، بل هو حرب طويلة تستهدف الأعصاب والوعي. تمتد هذه الحرب عبر أساليب متعددة، منها التضليل الإعلامي، ونشر الرعب، والتلاعب النفسي بالسكان، بل وتشمل أيضًا التدخل المباشر في تفاصيل حياتهم اليومية بأساليب تفوق في سوداويتها أشدّ السيناريوهات الديستوبية قتامة. أولًا : الحرب النفسية – المفهوم والطبيعة والخصائص يُعرَّف مفهوم الحرب النفسية بأنها “الاستخدام المخطَّط لوسائل التأثير النفسي بهدف إضعاف العدو وتغيير سلوكه بطريقة تخدم الأهداف العسكرية والسياسية”. يشير فرانز فانون في كتابه معذَّبو   الأرض إلى أن الاستعمار لا يقتصر ...